لا يصح إلا الخطأ

لا يصح إلا الخطأ



قالوا
قديما .. لا يصح إلا الصحيح
أتـُراه القديم قد تغير كله !!؟

حتى الأمثال
التي دَوّنوها أصبحت في زماننا هذا نقيضًا للزمان الماضي !!؟

لننظر معا إلى
صور من هنا وهناك .. مقارنةً بين القديم والحديث ..
بين ( لا يصح إلا الصحيح ) و
( لا يصح إلا الخطأ ) ..

------------------

المرأةُ المستورةُ ..
المحتشمةُ .. الوقورةُ .. الهادئةُ .. الجديةُ .. الملتزمةُ ..
العاقلة..
السمحة .. الصادقة .. الواعية .. المتعلمة .. الرصينة .. الرزينة ..

كانت
مطلبَ الجميع .. لأنها مربيةٌ للأجيال .. وكلُّ رجل يبحثُ عن امرأة يفتخر بها
و
بحسن تربيتها لأبنائه .. ويرفعُ رأسه أمام الناس لأنه حظِيَ بامرأة حَصَان
..
يقل .. أو يندرُ وجودها ..

لأنه كان .. لا يصحُ إلا الصحيح ..

أما الآن ..
المرأة المستهترة .. المائعة الجاهلة التي لا
تهتمُ إلا بالقشور والمظاهر ..
المرأة الهزلية .. كلامها كله مزح وهزلٌ وضحك ،
وحياتها عبارة عن ملهى كبير تعيشه بألاعيبه ..
المرأة الجميلة من غير معنى ..
وهل ينفع الجمال إذا لم يكتس بحلة العقل والكمال ؟
صارت مطلب الأكثرية
..

لأنه الآن .. لا يصح إلا
الخطأ

---------------------

كلما كان الكتاب كبيرا .. مفيدا ..
معلوماته دسمة .. مواضيعه محترمة
كلماته وأبحاثه جدية ..
كلما كان له رواج
كبير .. وشهرة واسعة ..

لأنه كان ..
لا يصح إلا الصحيح

والآن كلما كان
الكتاب صغيرا .. معلوماته سطحية .. تسليته كبيرة
هزلي .. يحمل قصص وحكايا
المجتمع السفلي .. وكلما نزل مستواه أكثر ..
كلما صار مرغوبا أكثر
..

لأنه الآن .. لا يصح إلا الخطأ
..

---------------------

كلما كان المدرسون أشد صرامةً
وقوةً .. وتمسكًا بالأخلاق والأدب والتربية الفاضلة ..
كان احترامهم واجبا ..
والطاعة لهم فرضا ..
وكانت النظرة إليهم نظرة تبجيل واحترام
..

لأنه كان .. لا يصح إلا الصحيح
..

والآن كلما كان المدرسُ ذليلا
أمام الطالب المهيمن .. وكلما سهَّل للطلبة
تناولَ المعلومات العامة الخالية من
أي فائدة ..
واحترم الطلاب .. وحسب حسابًا لكل طالب وحده .. واعتنى بهم ودللهم
..
كلما أصبح مثالا يُقتدى به ..

لأنه صار .. لا يصح إلا الخطأ ..

---------------------

كان للعالِم هيبته .. وللمثقف
سطوته ..
يدخلُ مكانا فيقف الجميعُ احترامًا لعلمه وثقافته ..
يتحلقون حوله
.. يرجون منه كلمةً عنهم .. يحملونها شعارا وتاجًا على رؤوسهم ..
كانوا يتنافسون
في خدمة العلماء .. ويتبارون في صحبة المثقفين ..
لأن الرجل على دين خليله
..

ولأنه كان .. لا يصح إلا الصحيح
..

والآن كلما زاد سُخفُ الإنسان ..
وكان بحرُ جهله واسعا كبيرا ليس له آخر ..
كلما وجدنا تحلُقَ الناس حوله ..
ينبهرون بكلماتِه الجوفاء ..
ويجعلونها شعارا لهم ..
يتبارون في صداقة
المنحطين .. لأن نفوذَهم صار قويا في المجتمع ..

ولأنه صار .. لا يصح إلا الخطأ ..

---------------------

وحتى .... في الغناء والطرب
..
كلما كان الصوت أجمل .. وكلما كان اللحن أعذب ..
كانت شهرة المغني أو
المطرب ..

لأنه كان .. لا يصح إلا
الصحيح ..

أما الآن ..
كلما كان
تنشيزه أكبر .. وألحانه مستوحاة من بعض أصوات وأنغام الحيوانات ..
واعتمد على
المظهر .. والجمال .. واللبس .. والتعري .. والرقص الخليع ..
كلما زادت شهرته ..
وطغت محبته ..

لأنه صار .. لا يصح
إلا الخطأ ..

--------------------

كلما كان الشاعر المحب .. صادقا في
حبه ..
كانت كلماته عفيفة في وصفها .. دقيقة في شرح حال قلبه ..
ويأنف أن
يصفَ حبيبته بما يُنزل من قيمتها .. ولأنه يُحبها حبًا صادقا ..
يصونُها .. حتى
في شعره ..

لأنه كان .. لا يصح إلا
الصحيح ..

والآن .. كلما فحُش
الشاعر في الوصف .. كان دليلا على حبه الكبير ..
وكلما زاد في تعريةِ حبيبته
أمام أعين الآخرين .. حتى يصفها وصفاً يكادُ
يتحرك حيا أمام القاريء .. بصورة
مبتذلة ..
كلما كانت له المكانة الكبرى .. لأنه تحرر من قيود العفاف .. وتلبس
قيود الحرية ..

ولأنه صار .. لا يصح
إلا الخطأ ..

--------------------

ولكن أخيرا ..
نحن لا نطلب عندما
نطلبُ رأي الجمهور السخيف ..
ولا نعتمدُ إن اعتمدنا على الجهلة ليُقَيـِّموا
الأشخاص والأفعال ..
وإنما يكون الإعتماد على رأي قلةٍ ..
يعرفون الحق ..
وينبذون الباطل ..

وهنا نرجع للقول الأول (( لا يصح إلا الصحيح ))
..
والخطأ .. سيبقى خطأ .. على الأقل في عيون العلماء والمثقفين ..

وهذا
المعتمد ...